امي الشابة اليانعة .. الجميلة البهيّة .. الحكيمة .. الطائشة
كانت اكثر من أم ، كانت اكثر من غار اثوي إليه كلما جار علي الزمان
كانت اكثر من عش الوذ به كلما هدّت ظهري الدنيا بمعولها الغليظ
ورغم ذلك إلا ان حياتي كان لابد لها من "رجل" من "ذكر"!
وأبي النحيل الهزيل .. الكسول الخامل .. الغائب الحاضر كان أبا صورياً .. لم اتذوق قط منه معناً من معاني الأبوّة
ولم أر منه ما يدفعني إلى ان اتلفظ بـ "بابا"!
رغم ذلك لم اكن عاني فراغا عاطفيا شديدا و فقر في الحنان مدقعا..
فقد كان عمي -الأعزب الحنون الوسيم- الذي يسكن في بيت جدي المجاور- كالأبحنانا وعطفا ورحمة ورأفةً بي!
و في ضحاة يوم مشرق جميل .. اقبل عمي محملا بالأكياس الممتلئة و طلب مني ان اساعده في حمل ما تبقى من اكياس في السيارة .. وكانت امي واقفة في صالون المنزل وقد استغربت بأنها لم تضع غطاء الوجه رغم انها تتغطى حتى من سائقنا ..
وبعد ان انتهينا من حمل الأكياس ووضعها في المطبخ
شكرت امي عمي الرؤوم شكرا حاراً على تكلًفه وجهده ورجته رجاءا حاراً أن لا يحرجنا مرة اخرى بفائض جوده و غزارة كرمه.
وفور خروجه نظرت إلى امي وتأملت وجهها الملائكي ثم تساءلت قائلا :
"لماذا لايجلب لنا ابي -الذي كان نائما في الطابق العلوي - أغراضنا وحاجيتنا ؟!"
فردت أمي بعدم اكتراث :" لو اعتمدت على ابيك
... ........ لم تأت انت للحياة !"